بملابس متسخة، يجلس يومياً على رصيف ميدان عابدين بوسط البلد، وسط الزجاجات البلاستيكية الفارغة .
يضع إلى جانبه كوباً من الشاى لا يفارقه طوال فرزه: «بقالى 45 سنة بلم الأزايز الفاضية من الزبالة وفى إيدى كباية الشاى بشربها، كل ما حد يعدى من جنبى يبص لى بقرف عشان بشرب وإيديّا كلها زبالة»، متسائلاً: «هى جات عليّا يعنى؟» .منذ ولدته أمه، لم ينل عم أحمد مؤنس حظه فى أى شىء، فالفقر وقف حائلاً أمام تعليمه
وعمله المبكر الذى بدأ منذ سن السادسة: «ماحستش إنى طفل، من صغرى وأنا بجرى على الشغل عشان أمى وإخواتى بعد ما أبويا مات، وطلعت من المدرسة بس بعرف أكتب اسمى وأقرا على أدى»، مازحاً بخفة دمه: «أنا مش ميح أوى كده، ده أنا كمان بعد ما بخلص فرز من الزبالة بقرأ الجرايد وبشوف أحوال البلد هتودينا على فين أكتر من كده» .
يرضى الرجل الخمسينى بما يقسمه له الله يومياً، فهو يستيقظ من الفجر ويخرج على باب الله: «ماعرفتش أشتغل شغلانة حلوة زى الناس عشان ماكملتش تعليمى، فضلت أدور على شغلانة نضيفة فى قهوة ولا حتى بياع فى محل بس لقيت الدنيا واقفة ومحدش راضى يشغلنى»،
مضيفاً: «ملقتش قدامى غير الزبالة أشوف اللى فيها ينفع وأبيعه، وبعد شوية عرفت إن البلاستيك والكانزات بتكسّب وبتجيب فلوس، فقلت ألمها وبفلوسها أصرف على إخواتى».سنوات طويلة قضاها الرجل العجوز بين أكوام الزبالة.
نسى فيها نفسه وحياته: «نفسى أشوف عيالى قبل ما أموت، بس هعمل إيه بقى ما هو ده حال الدنيا » ..
المصدر : جريدة الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق